منذ أكثر من 10 سنوات، اكتشف الباحثون بعض العظام التى تعود جذورها لأحد الأجناس البشرية العتيقة بالغة الصغر داخل إحدى الكهوف الكلسية بجزيرة فلوريس الإندونيسية.
والآن، فقد تم التوصل إلى ما نستطيع أن نطلق عليه "أسلاف" هذه المخلوفات وذلك فى إحدى الأحجار الرملية التي جُرفت بواسطة السيلان منذ 700 ألف عام مضت.
لم يتحصّل الباحثون على الكثير من المعلومات من خلال الحفريات الجديدة نظراً لعدم اكتمالها، فجُل ما وجدوه هو عبارة عن جزئية من الفك السفلى وعدد 6 أسنان تنتمي لأحد البالغين وطفلين على الأقل.
أهمية الأمر تتخطى فكرة الكم العددي لتلك البقايا، ويشير الباحثون لاحتمالية مكوث البشر الأقزام على متن تلك الجزيرة لأكثر من نصف مليون عام، وهي الفترة التى قضاها الأقزام وهم يصطادون الأفيال البيجمى – وهي الأفيال القزمة صغيرة الحجم، ومحاولة تفادي هجمات تنانين الكومودو، وذلك بحسب التقرير الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
وقد استُخرجت العظام الخاصة بالبشر صغيرة الحجم للمرة الأولى عام 2004 من أرضية كهف ليانغ بوا الموجود بجزيرة فلوريس. ويدل اكتشاف تلك الحفريات، التى يعود تاريخها لأكثر من 50 ألف عام، على أن وجود مجموعة من البشر يبلغ طولها متراً واحداً و تملك أدمغةً صغيرة لا تتجاوز فى حجمها ثلث أدمغة البشر الطبيعيين – والتي تُسمى بالهومو فلوريس أو ما تُعرف بيننا كبشر "بالهوبيت" - كان أمراً حقيقاً، ولكنها انقرضت الآن.
مازالت هناك العديد من الأسئلة المحيرة تدور حول مسألة البشر الأقزام والتي تتعلق بنشوء ونمو تلك المجموعة من البشر، يأتي هذا في الوقت الذي يرى فيه العديد من الخبراء أن فئة الأقزام لم تكن فصيلة جديدة من البشر على الإطلاق، ولكنها – بكل بساطة – نوعٌ من أنواع البشر المعاصرين الذين أُعيق نموهم بواسطة المرض.
لاشك في أن تلك الحفريات المُكتشفة حديثاً فى ماتا مينغ – التي تقع في وسط فلوريس على بعد 50 كيلومتراً شرقاً من ليانغ بوا وهي عبارة عن حوض كبير طغت عليه الأنشطة البركانية – ستساهم بكل تأكيد في استبعاد وحلحلة نظرية نشأة الإنسان المعاصر.
ويقول جيرت فان دن بيرغ - رئيس فريق الباحثين القائم على ذلك الاكتشاف – من جامعة ولونغونغ الأسترالية أن ما تم اكتشافه هو بمثابة المسمار الأخير في نعش تلك الفرضية، وأنه لم يكن هناك وجودٌ للإنسان العاقل منذ 700 ألف عام.
يعتقد بعض علماء الحفريات أن هناك سيناريو آخر يمكن من خلاله تفسير الأمر المتعلق بتلك الحفريات. ويُظهر لنا ذلك السيناريو أن المجتمع السكاني الأول للإنسان منتصب القامة، وهو أحد طلائع الإنسان المعاصر، قد تم جرفه إلى جزيرة فلوريسمن إحدى الجزر المجاورة بواسطة موجات المد القوية التي ضربت تلك المنطقة. ومع وجود كميات محدودة من الطعام، فقد أدى ذلك – على مدار أكثر من 300 ألف عام – إلى تدهور حالتهم.
أما آدم بروم الذي شارك في قيادة بعثات التنقيب من جامعة جريفيث بكوينزلاند، فقال: "الجزيرة صغيرة وبها موارد طعام محدودة والقليل من الحيوانات المفترسة، لذا كان هناك الكثير من الضغط الانتقائي الفوري على الثدييات الكبيرة، غير تنين الكومودو، الموجودة على هذه الصخرة لتقليل حجم أجسامها، فالضخامة لم تعد ميزة تمكّنك من البقاء على قيد الحياة في هذه البيئة القاسية والمنعزلة".
ويتشكل الفريق من باحثين من أستراليا وإندونيسيا واليابان، حيث عملوا بالتعاون مع 140 من السكان المحليين لجزيرة "فلوريس" بإندونيسيا، بهدف التنقيب عن الحفريات. وظهرت عظام الفك صغيرة، وهي أصغر 20% على الأقل من العينات التي كانت موجودة بكهف "ليانغ بوا"، إلا أن الأشعة المقطعية أظهرت ضرس العقل قد شق موضعه في اللثة، مما يشير إلى أنها عينة لشخص بالغ. وكان الشكل الذي ظهرت عليه عظام الفك يشبه نسخة مصغرة من تلك العظام التي وُجدت في الإنسان المنتصب "هومو إريكتوس"، وهو نفس الأمر بالنسبة للضرس.
وكان ثمة عظام لحيوانات من بين ذلك الرفات العتيق، ولا يتوقف ذلك على الأفيال القزمة وتنين الكومودو وحسب، حيث أن تواجدهما في هذا المكان يعد أمراً مألوفاً، بل تشاركت بعض الحيوانات الأخرى أيضاً مع إنسان الهوبيت مثل التماسيح، والفئران الضخمة، والضفادع، والطيور.
وتتواجد الفئران الضخمة على الجزيرة في الوقت الحالي، حيث عثر الباحثون على أحد تلك الفئران وكان بحجم القط، وذلك في المنزل الذي استأجروه بالقرب من مدينة "مانجرودا" القريبة، وهو حيوان أليف للغاية.
وقال فان دين بيرغ "إن استطعنا ترويضها، يمكننا الاحتفاء بها في المنازل كحيوانات أليفة".
كما احتوى المكان على أدوات حجرية، معظمها كان من الصفائح ذات الحواف الحادة، على الرغم من عدم وجود أي آثار لعملية ذبح أو سلخ على عظام الحيوانات. ومن المستغرب أن الأدوات التي كانت موجودة في حوض "ماتا مينجه" كانت تشبه تلك التي وُجدت في كهف "ليانغ بوا"، لكنها كانت أصغر وأكثر بدائية من الأدوات الأخرى التي وُجدت في موقع أقدم على الجزيرة يسمى "وولو سيجه".
وكانت تلك الأدوات الضخمة أكثر تطوراً، بما فيها بعض الأدوات الأساسية المُشكلة بعناية والتي تعرف بالمعاول. ويقول بروم إنها قد تكون تلك هي الأدوات الخاصة بالسكان المؤسسين للمكان الذين اتسموا بأجسامهم الضخمة، والتي ربما يبلغ عمرها مليون عام.
بيد أنه لا يزال ثمة عديد من الحفريات الأخرى المطلوبة لإتمام الصورة، حيث يتطلع الباحثون للعثور على عظام طويلة في حوض "ماتا مينجه"، والتي سوف تبدد الشكوك حول احتواء المكان على رفات ذلك العرق البشري القزم العتيق.
وتخوض الأبحاث جهودها على الجزيرة في مكان آخر، من أجل الوصول إلى أول جنس وصل إلى المكان والذي يعد أمراً صعب المنال، حيث ثمة احتمالية أن ذلك الجنس كان الإنسان المنتصب "هومو إريكتوس" بجسده المكتمل، أو ربما كان أسلافاً أصغر حجماً.
وتقطع الرحلة من جزيرة "جاوة" 300 ميل، وهي طريق طويلة تمر خلال مساحة ممتدة من النباتات. وتقع جزيرة "سولاوسي" في الشمال في منطقة أبعد، لكن التيارات القوية قد تساعد على إتمام العمل بنجاح. وقال فان دين بريغ "إنها فرصة منطقية، لكننا ربما لن نعرف أبداً".
وقالت "دين فالك"، إحدى أساتذة الأنثروبولجيا التطورية بجامعة ولاية فلوريدا، إن الحفريات الجديدة سوف تساعدنا على إقناع الجميع، غير أن أشد الشواهد التي تشكك في الفرضية تكمن في أن إنسان "فلوريس" القزم يعد جنساً معترفاً به.
حيث أوضحت أن تاريخ الاكتشافات الجديدة الذي يعود إلى 700 ألف عام، وكذلك الحقيقة القائلة إنهم على الأقل في نفس أحجام أفراد "ليانغ بوا"، تعد أمراً مثيراً.
وأضافت قائلةً "على الرغم من ذلك، فأنا أرى أننا ما زلنا لا نستبعد احتمالية أن يكون الإنسان المنتصب "هومو إريكتوس" وإنسان "فلوريس" القزم، اشترك كلاهما في نفس الأسلاف الذين كانوا قبائل من أشباه البشر حيث الأجسام والأدمغة الصغيرة".
-هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية، للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.
والآن، فقد تم التوصل إلى ما نستطيع أن نطلق عليه "أسلاف" هذه المخلوفات وذلك فى إحدى الأحجار الرملية التي جُرفت بواسطة السيلان منذ 700 ألف عام مضت.
هل سكن الأقزام الجزيرة؟
لم يتحصّل الباحثون على الكثير من المعلومات من خلال الحفريات الجديدة نظراً لعدم اكتمالها، فجُل ما وجدوه هو عبارة عن جزئية من الفك السفلى وعدد 6 أسنان تنتمي لأحد البالغين وطفلين على الأقل.
أهمية الأمر تتخطى فكرة الكم العددي لتلك البقايا، ويشير الباحثون لاحتمالية مكوث البشر الأقزام على متن تلك الجزيرة لأكثر من نصف مليون عام، وهي الفترة التى قضاها الأقزام وهم يصطادون الأفيال البيجمى – وهي الأفيال القزمة صغيرة الحجم، ومحاولة تفادي هجمات تنانين الكومودو، وذلك بحسب التقرير الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
وقد استُخرجت العظام الخاصة بالبشر صغيرة الحجم للمرة الأولى عام 2004 من أرضية كهف ليانغ بوا الموجود بجزيرة فلوريس. ويدل اكتشاف تلك الحفريات، التى يعود تاريخها لأكثر من 50 ألف عام، على أن وجود مجموعة من البشر يبلغ طولها متراً واحداً و تملك أدمغةً صغيرة لا تتجاوز فى حجمها ثلث أدمغة البشر الطبيعيين – والتي تُسمى بالهومو فلوريس أو ما تُعرف بيننا كبشر "بالهوبيت" - كان أمراً حقيقاً، ولكنها انقرضت الآن.
الهوبيت يثيرون التساؤلات
مازالت هناك العديد من الأسئلة المحيرة تدور حول مسألة البشر الأقزام والتي تتعلق بنشوء ونمو تلك المجموعة من البشر، يأتي هذا في الوقت الذي يرى فيه العديد من الخبراء أن فئة الأقزام لم تكن فصيلة جديدة من البشر على الإطلاق، ولكنها – بكل بساطة – نوعٌ من أنواع البشر المعاصرين الذين أُعيق نموهم بواسطة المرض.
لاشك في أن تلك الحفريات المُكتشفة حديثاً فى ماتا مينغ – التي تقع في وسط فلوريس على بعد 50 كيلومتراً شرقاً من ليانغ بوا وهي عبارة عن حوض كبير طغت عليه الأنشطة البركانية – ستساهم بكل تأكيد في استبعاد وحلحلة نظرية نشأة الإنسان المعاصر.
ويقول جيرت فان دن بيرغ - رئيس فريق الباحثين القائم على ذلك الاكتشاف – من جامعة ولونغونغ الأسترالية أن ما تم اكتشافه هو بمثابة المسمار الأخير في نعش تلك الفرضية، وأنه لم يكن هناك وجودٌ للإنسان العاقل منذ 700 ألف عام.
وجهات نظر أخرى
يعتقد بعض علماء الحفريات أن هناك سيناريو آخر يمكن من خلاله تفسير الأمر المتعلق بتلك الحفريات. ويُظهر لنا ذلك السيناريو أن المجتمع السكاني الأول للإنسان منتصب القامة، وهو أحد طلائع الإنسان المعاصر، قد تم جرفه إلى جزيرة فلوريسمن إحدى الجزر المجاورة بواسطة موجات المد القوية التي ضربت تلك المنطقة. ومع وجود كميات محدودة من الطعام، فقد أدى ذلك – على مدار أكثر من 300 ألف عام – إلى تدهور حالتهم.
أما آدم بروم الذي شارك في قيادة بعثات التنقيب من جامعة جريفيث بكوينزلاند، فقال: "الجزيرة صغيرة وبها موارد طعام محدودة والقليل من الحيوانات المفترسة، لذا كان هناك الكثير من الضغط الانتقائي الفوري على الثدييات الكبيرة، غير تنين الكومودو، الموجودة على هذه الصخرة لتقليل حجم أجسامها، فالضخامة لم تعد ميزة تمكّنك من البقاء على قيد الحياة في هذه البيئة القاسية والمنعزلة".
ويتشكل الفريق من باحثين من أستراليا وإندونيسيا واليابان، حيث عملوا بالتعاون مع 140 من السكان المحليين لجزيرة "فلوريس" بإندونيسيا، بهدف التنقيب عن الحفريات. وظهرت عظام الفك صغيرة، وهي أصغر 20% على الأقل من العينات التي كانت موجودة بكهف "ليانغ بوا"، إلا أن الأشعة المقطعية أظهرت ضرس العقل قد شق موضعه في اللثة، مما يشير إلى أنها عينة لشخص بالغ. وكان الشكل الذي ظهرت عليه عظام الفك يشبه نسخة مصغرة من تلك العظام التي وُجدت في الإنسان المنتصب "هومو إريكتوس"، وهو نفس الأمر بالنسبة للضرس.
كائنات أخرى على الجزيرة
وكان ثمة عظام لحيوانات من بين ذلك الرفات العتيق، ولا يتوقف ذلك على الأفيال القزمة وتنين الكومودو وحسب، حيث أن تواجدهما في هذا المكان يعد أمراً مألوفاً، بل تشاركت بعض الحيوانات الأخرى أيضاً مع إنسان الهوبيت مثل التماسيح، والفئران الضخمة، والضفادع، والطيور.
وتتواجد الفئران الضخمة على الجزيرة في الوقت الحالي، حيث عثر الباحثون على أحد تلك الفئران وكان بحجم القط، وذلك في المنزل الذي استأجروه بالقرب من مدينة "مانجرودا" القريبة، وهو حيوان أليف للغاية.
وقال فان دين بيرغ "إن استطعنا ترويضها، يمكننا الاحتفاء بها في المنازل كحيوانات أليفة".
كما احتوى المكان على أدوات حجرية، معظمها كان من الصفائح ذات الحواف الحادة، على الرغم من عدم وجود أي آثار لعملية ذبح أو سلخ على عظام الحيوانات. ومن المستغرب أن الأدوات التي كانت موجودة في حوض "ماتا مينجه" كانت تشبه تلك التي وُجدت في كهف "ليانغ بوا"، لكنها كانت أصغر وأكثر بدائية من الأدوات الأخرى التي وُجدت في موقع أقدم على الجزيرة يسمى "وولو سيجه".
وكانت تلك الأدوات الضخمة أكثر تطوراً، بما فيها بعض الأدوات الأساسية المُشكلة بعناية والتي تعرف بالمعاول. ويقول بروم إنها قد تكون تلك هي الأدوات الخاصة بالسكان المؤسسين للمكان الذين اتسموا بأجسامهم الضخمة، والتي ربما يبلغ عمرها مليون عام.
بيد أنه لا يزال ثمة عديد من الحفريات الأخرى المطلوبة لإتمام الصورة، حيث يتطلع الباحثون للعثور على عظام طويلة في حوض "ماتا مينجه"، والتي سوف تبدد الشكوك حول احتواء المكان على رفات ذلك العرق البشري القزم العتيق.
بحوث أخرى
وتخوض الأبحاث جهودها على الجزيرة في مكان آخر، من أجل الوصول إلى أول جنس وصل إلى المكان والذي يعد أمراً صعب المنال، حيث ثمة احتمالية أن ذلك الجنس كان الإنسان المنتصب "هومو إريكتوس" بجسده المكتمل، أو ربما كان أسلافاً أصغر حجماً.
وتقطع الرحلة من جزيرة "جاوة" 300 ميل، وهي طريق طويلة تمر خلال مساحة ممتدة من النباتات. وتقع جزيرة "سولاوسي" في الشمال في منطقة أبعد، لكن التيارات القوية قد تساعد على إتمام العمل بنجاح. وقال فان دين بريغ "إنها فرصة منطقية، لكننا ربما لن نعرف أبداً".
وقالت "دين فالك"، إحدى أساتذة الأنثروبولجيا التطورية بجامعة ولاية فلوريدا، إن الحفريات الجديدة سوف تساعدنا على إقناع الجميع، غير أن أشد الشواهد التي تشكك في الفرضية تكمن في أن إنسان "فلوريس" القزم يعد جنساً معترفاً به.
حيث أوضحت أن تاريخ الاكتشافات الجديدة الذي يعود إلى 700 ألف عام، وكذلك الحقيقة القائلة إنهم على الأقل في نفس أحجام أفراد "ليانغ بوا"، تعد أمراً مثيراً.
وأضافت قائلةً "على الرغم من ذلك، فأنا أرى أننا ما زلنا لا نستبعد احتمالية أن يكون الإنسان المنتصب "هومو إريكتوس" وإنسان "فلوريس" القزم، اشترك كلاهما في نفس الأسلاف الذين كانوا قبائل من أشباه البشر حيث الأجسام والأدمغة الصغيرة".
-هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية، للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.